17 - 07 - 2024

مدينتي الفاضلة| العدل في العباسية

مدينتي الفاضلة| العدل في  العباسية

"فساد إداري" يعني مكان تسأل نفسك وانت داخله، دي خرابة ولا مصلحة حكومية!! 

و"اصلاح إداري" يعني قرار وزير، بالفصل الفوري لكل مدير متلبس بقذارة وتخلف موقعه الخدمي، بتهمة " تناحة" أدت إلى تسويد عيشتنا، وتشويه صورة الوطن وإعاقة إنجازاته.

وهذه صورة ضمن ألبوم الفساد الإداري، في أحد المواقع الرسمية لإقرار الحق والعدل في وطني!!          

لو مصمم تأخذ حقك، لازم تدخل العباسية، وحبذا لو صايم وراضي تحرق ملابسك، وداهن وجهك وحواسك جبس ماعدا حاسة السمع!!

موعدك بالدور الثامن بمبنى خبراء وزارة العدل بالعباسية لمناقشة دفوعك وتسليم مستنداتك.. فقط مع أول خطاب حكومي يستدعيك، ستطير مستبشرا جذلا مشتاقا، حماسك يسابق ساقيك... بمجرد وصولك لمدخل المبنى بالشارع، ستعرف طريقك لطابور المصعد بقوة الدفع!! وهنا تفقد إدراكك الواعي لأنك في كابوس، تحاول استدعاء قواك الدفاعية لدفع الأجساد عنك فتلتحم بك!! تشيح وجهك عن صهد الأنفاس، فتلفحك رياح كهف التبول المفتوح الملاصق للمصعد!! تستجدي ولو وجها واحدا غيرك مشمئز، لكن الجبس هو سيد الموقف!! حالة إذلال، وتنفيذ عقوبة المطالبة بالعدل!!!  

أمامك مصعدان تنسحق داخلهما الآدمية، الثاني خاص بالموظفين والخبراء ورؤسائهم، وموظفي أمن حمايتهم من المواطنين.. ولا مهرب إلا السلم، مرتع القذارة منذ تشييد البرج في السبعينات!!  نظرة للدرابزين المغلف بطبقات سوداء والنوافذ الهبابية، تجبرك على التراجع والصمود في الطابور.. عامل المصعد ديكتاتور وصاحب بيزنس راتبه هو كمان من ضرائبنا!! ينظم حركة المواطنين، سته صعود حشرا في تابوت قذر لا يسع حتى أربعة!! والباب لا يفتح طالع نازل إلا في الدور الثامن فقط!! أشلاء مقعده داخل المصعد مغلفه بمشمع شفاف لعرض وحفظ ما يتاجر به من أقلام ِوطوابع وشرابات رجالي!!! وحاجات مش باينه، لكن معروفه في المصالح الحكومية!! 

تخرج من التابوت في الثامن تواجهك المنظومة المتكاملة للفساد الإداري، وإهدار كرامتك وكرامة رموز العدل.. "فسحاية" انتظار تتوسط ممرات المكاتب.. وعليك الاختيار ما بين الاستناد على معجون هباب السلم، أو تنظيف الحائط بهدومك.. لو استسلمت لشهوة الجلوس، أمامك كنبه قذرة "مبقوقة" الأحشاء تعلوها يافطة " ممنوع الجلوس فوق القطط الوليدة "!! أو اصطياد أحد المقاعد البلاستيك المثبتة بمسمار واحد في الأرض كاختبار قدرات للمواطنين.. ولا تحاول اكتشاف الكرسي كان لونه إيه تحت الهباب!! ولا تفكر في الاستراحة في غرفة المدير، لن يستقبلك أساسا، ولن تميز وجهه وسط طبقات دخان سجائره وأتربة الأثاث وقتامة الجدران المصمتة!! رئيس الهيئة موجود بالدور ال 13، وأنصحك بلاش للتكرار! وبلاش تفغر فاهك اندهاشا من تواؤم الموظفين مع الخرابة، لأن قانون العمل يجرم القمص ويخصم أجر المقموصين. 

تتصور إنها ساعة الفرج لما تسمع اسمك من ساعي عشوائيات الخبراء، تدخل للقاء الخبير في مكتب ينافس كآبة المصعد والفسحاية والمبنى، تأنف من الجلوس.. الملفات أكوام والخبراء مكفهرين، والحال ينبئ بالمصير، وغالبا لن ترى التقرير أو الحكم في حياتك.. لكنك أكيد ستحمد الله الذي توبك عن طلب الحق والعدل إلا منه العادل القًهار.

سألتهم، رايحين العاصمة الإدارية، ابتسموا!!      

سعادة وزير العدل المستشار حسام عبد الرحيم، من فضلك قبل انتقالك للعاصمة الذكية، طُل ولو على مدخل المبنى، مُر بفتحه اجباريا في العطلات للتطهير.. ربما ينقشع ما انطبع من تأثير المكان على ملامح وأرواح وسلوك الموظفين، من خنوع وياس، وميول عدوانية انتقاما لحالهم.

 فأنت مثلنا دافع مقدما وسنويا ضرائب حقنا في النظافة والكرامة.
------------------
بقلم: منى ثابت 

مقالات اخرى للكاتب

 مدينتي الفاضلة | محاكمة القرن.. دين شنوده إيه؟!